النّصر المؤزَّر الكبير الخارق، الذي حقّقه الرئيس أبو مازن، رأس الشرعية الفلسطينية والوطنية الفلسطينية بهزيمة صفقة القرن وورشة المنامة باعتراف أهلهما والمراهنين عليهما، هو نصر تاريخي بالمعنى الكامل للكلمة، هو انتصار لمفاهيمنا على المفاهيم المعادية، سواء المفهوم الإسرائيلي بقيادة نتنياهو الذي حاول ويحاول أن يقفز عن التاريخ وعن تجليات الحق، ويتجاهل عظمة المعرفة والوعي، وتراكمات التجربة، عبر خرافات مؤسّس لها حبكتها من منظومات الاستعمار القديم ومنظومات الإمبريالية الحالية، أو المفهوم الأميركي بقيادة ترامب الرئيس الأميركي الحالي، المنتمي إلى مجموعات المسيحياتية اليهودية، الذي حشد حوله ربما أسوأ إدارات أميركا على الإطلاق، مزيدًا من اليهود المتصهينين، الافانجيكين، ومزيدًا من السماسرة، الذين فتحوا عدة معارك كبرى مع العالم اجمع، من الصين وأبعد إلى المكسيك الجار القريب، ومن القوى الصاعدة بحكم حجم مصالحها، وتأثيراتها إلى الحلفاء القدامى، لم يتركوا أحدًا ولم ينقلبوا عليه، ولم يستهدفوه، ولكنَّ المعارك التي مازالت مفتوحة وجدت خصوما أندادًا، وكان بينهم وأشدهم شهرة بحجم قضيّته العريقة الشعب الفلسطيني وعلى رأسه قيادته، ولذلك فإنَّ الانتصار الفلسطيني اعتبر بشارة من بشارات العالم، واعتبر إيحاء بقدسية الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، لأنَّ هذا الانتصار الفلسطيني جاء في الوقت المناسب، في الأوان المطلوب، أبو مازن لا يحرك حاملات طائرات، ولا مدمّرات، ولا يهدّد بأسلحة نووية، بل يقول لا، فقط كلمة لا... فتتحول الكلمة إلى فشل إسرائيلي بحجم الهاجس، وهو يقول لا... فيعلن كوشنر فشل ورشة المنامة بسبب هذه اللا الفلسطينية، ويعلن توقعاته بموت صفقة القرن إذا لم يقل لها الفلسطينيون نعم، والفلسطينيون قالوا لا، وقدَّموا البديل، ليس لا في الفراغ بل في قلب العمل وفي قلب الأمل.
فعلاً... إنَّ انتصارًا خارقًا بحجم شعب شجاع خارق، ونريد هذا الانتصار أن يصبح بحجم أمة، بتعميقه عبر آليات جديدة للعمل العربي المشترك بمرجعيات جديدة لاحترام القرار العربي، وعدم قتل الوقت والفرص المتاحة في التشاور مع أعداء القرار العربي والناقمين عليه، أو الترجمة الحرفية لأقوال خائرة،  والضعف نعمة، والضعف قوة أو الترجمة الحرفية التي جاءت مع الربيع العربي الزائف في أوائل 2011 "أحبّوا أعداءكم واكرهوا أنفسكم".
كلُّ مواطن عربي من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب من مصلحته أن يفخر بهذا الانتصار الفلسطيني، وأن يتبنّاه وأن ينتمي إليه، هذا انتصار عظيم لشعب القضية، والأمم لا تحيا بدون قضايا، فكيف بشعب يعطي لقضيته أعظم الأمثلة في قوة الحق، وقوة الوعي والمعرفة، وقوة النموذج.
يا أيّها العرب، فلسطين تناديكم من قلب الاشتباك العظيم الخارق، لا تلتفتوا إلى المهزومين بدون هزيمة، والهاربين حتى بدون أبواب للهروب، فلسطين بقيادتها وشعبها تناديكم وتضرب لكم المثل العظيم.