تقرير: ميساء عمر

يشكل مئات المزارعين الفلسطينيين في مواقع مختلفة بالضفة الغربية، قصة صمود في مواجهة التدابير والاجراءات الاسرائيلية التي تحرمهم من الوصول لآلاف الدونمات من حقولهم ومزارعهم الواقعة خلف جدار الضم والفصل العنصري.

على هذا النحو، شكّل المزارع غسان عبد الله أبو خضر (43 عاما) من مدينة قلقيلية، "قوة مثال"، في مواجهة واقعه الزراعي الصعب بفعل وقوع أراضيه خلف الجدار العنصري وما تحتاجه من رعاية وتغلّبه على المشاكل "الجمة" التي تواجهه كل يوم.

المزارع أبو خضر، وهو واحد من بين مئات المزارعين في قلقيلية ممن "ضمت" أراضيهم تمهيدا لاستلابها، يواجهون هم وأبناؤهم كل ساعة وكل يوم، وبجسارة، قسوة الاجراءات الاسرائيلية الرامية الى تهجيرهم عن أراضيهم ومزارعهم.

"ولدنا وترعرعنا أنا وأخوتي على حب الأرض والعناية بها، فهي مصدر رزق العائلة الوحيد، ونزرع حاليا ما يقارب 100 دونم بمحاصيل مختلفة، يشترك في رعايتها 20 فردا من العائلة، بالإضافة الى عشرة عمال آخرين". هكذا يروي أبو خضر قصة ثباته فوق أرضه.

ويضيف: "عندما بدأنا بالزراعة لم نكن نواجه عقبات، لكن عام  2002 بدأت معاناتنا مع جدار الفصل العنصري الذي أسر أراضينا وحرمنا من الوصول اليها الا بتصاريح خاصة ولأفراد وساعات معينة أيضا، لكن هذا لم يزدنا الا إصرارا على الثبات والتحدي، فواصلنا الزراعة وتوسعنا بها ".

ويتابع :"نصل الى أراضينا بواسطة تصاريح عبر ثلاث بوابات أقامها الاحتلال، نتعرض الى تفتيش، وغالبا ما نمنع من ادخال اللوازم الزراعية التي نحتاجها، فهي تخضع لمزاج وغطرسة الجنود، وتسويق البضائع لا تتم دفعة واحدة بل على عدة مراحل من مكان القطف الى البوابة، ومن ثم من البوابة الى الأسواق، ما يزيد من التكلفة والجهد علينا".

ويحاول الاحتلال بكافة الطرق السيطرة على المياه، اذ يمنع توفير الكهرباء للآبار  التي تقع خلف جدار الضم والتوسع، ويمنع صيانتها أو حتى بناء وحفر آبار جديدة، ما يضطر المزارعين الى تشغيلها بواسطة الديزل الذي يعتبر أكثر كلفة على المزارعين، "بحسب ابو خضر".

ويتنوع أبو خضر في زراعة محاصيله الزراعية تماشيا مع ظروف البيئة واحتياج السوق، ويؤكد أنه سيبقى متمسكا بأرضه، وأن قرارات الاحتلال لن تمر بصمود وإرادة المواطنين.

وفي التاسع من تموز عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي، قرارا جاء فيه أن "الجدار" مخالف للقانون الدولي، وطالبت المحكمة إسرائيل بوقف البناء فيه وهدم ما تم بناؤه، ودفع تعويضات لكل المتضررين.

وقال مسؤول ملف الاستيطان في محافظة قلقيلية محمد أبو الشيخ، إن  جدار الفصل العنصري استهدف الأرض الخصبة الجيدة المحيطة بمحافظة قلقيلية، التي تعتبر سلة غذائية للمحافظة، كأراضي قرى جيوس، وفلامية شرقا، وعزون عتمة، وبيت امين جنوبا، وغيرها، وفصل ثلاثة تجمعات سكانية خلفه، وهي: تجمعات أبو فردة والرماضين الجنوبي والشمالي.

وأشار أبو الشيخ الى أن الجدار في بدايته عزل 40-50 الف دونم، من مجمل مساحة محافظة قلقيلية البالغة 170 ألف دونم، وبعد اجراء التعديلات الأخيرة على الجدار أبقى خلفه 30 الف دونم جميعها مزروعة بالخضار والفواكه والأشجار، بالإضافة الى 11 بئرا ارتوازية واقعة خلف جدار الضم والتوسع .

"خمسة عشر عاما وما زال قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، الذي  أيده أربعة عشر صوتا مقابل صوت واحد معارض، معلقا، ولم يحرك المجتمع الدولي ساكنا أو اتخذ أية إجراءات ملموسة لمحاسبة إسرائيل" قال أبو الشيخ.