يقترب موعد الخامس والعشرين من هذا الشهر، موعد انعقاد الورشة الاقتصادية في البحرين، والوقائع تتدفَّق بقوة في المنطقة، ابتداء من النذر السوداء القادمة من الوضع الداخلي الإسرائيلي، حيث سارة نتنياهو تُطلق أول اعتراف لها بأنّها أساءت التصرف في التعامل مع المال العام في إشارة واضحة إلى التهم الموجّهة إليها، فهل هذا الاعتراف أول السيل؟؟ وهل نسمع من نتنياهو نفسه اعترافات مماثلة كنوع من الاسترحام أمام الشعب الإسرائيلي، لاسيما أنَّ الوضع الإسرائيلي مرتبك للغاية، في الاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني وبرامج التحريض ضد قيادته الشرعية مستمرة بجنون، لكنَّ التشكلات الداخلية في (إسرائيل) بعد النموذج الذي أحدثه أفيغدور ليبرمان وحلفاؤه في اليمين العلماني واليمين الديني في إسرائيل منعت نتنياهو من تحقيق حلمه الشيطاني بتشكيل الحكومة الخامسة، وأقصى ما استطاعه الهروب من فوزه الجريح بالانتخابات إلى انتخابات جديدة، الخصوم فيها ليسوا بالسهولة التي كان يظن، وبالتالي لايزال يرهن مستقبله بحليفه الرئيس الأميركي ترامب، الذي مازال يمده بالهدايا السامة! ولكنّ رجلاً بانتهازية نتنياهو يعرف أنَّ الحليف الكبير ترامب لم يعد في وضع مؤهّل، فهو يستمر في التخبُّط، ولكنّه يزداد فشلاً، حتى أنّه ورجال إدارته التافهين يتعلّقون باتّهام الرئيس أبو مازن ببذل أعظم الجهود لإفشال خططهم، ابتداء بـ"صفقة القرن" التي اعتقد أنّ هناك تسليمًا أميركيًّا إسرائيليًّا بفشلها، والدور الآن على إفشال ورشة البحرين التي أعلن عن حضور (إسرائيل) لها، وهذا يفضحها بالكامل، لأنَّ ترامب وإدارته يريدون الإيحاء بأنّهم يواجهون النجاح المكثّف للرئيس أبو مازن في المواجهة، بالاحتشاد ضده في البحرين التي لا ناقة لها ولا جمل في استضافة الورشة التي يحاول أن يكون نجمها جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب ومن معه، وهؤلاء الفاشلون أصبحوا على يمين نتنياهو، وأصبحوا محرجين لترامب، من خلال تصريحات سفيره في (إسرائيل) المستوطن المتعصب ديفيد فريدمان، الذي تحدَّث عن حقّ (إسرائيل) في ضمِّ أجزاء من الضفة الغربية، وكنّا نتوقّع طرده على الأقل، ولكن بدلاً من ذلك سار وراءه في طريق التهور جيسون غرينبلات مستشار ترامب ما حدا بالإدارة الأميركية لإصدار بيان باهت تنفي فيه أن يكون الضم مطروحًا على طاولة البحث.

ترامب من جهته أصبح يدرك أنَّ موقف القيادة الفلسطينية على رأس شعبها أصبح هو الموقف المحوري لأنّها الطرف الرئيس وما دامت لا تتعامل مع هذه الافتراضات الأميركية، فهذه الافتراضات مصيرها الفشل، خاصة أنّ نقطة الضعف عند ترامب تزداد تعقيدًا فهو يتيح لحليفه نتنياهو أن يقبض دون أن يدفع، ويوشك أن يصبح نتنياهو عاجزًا عن الدفع نهائيًّا وعاجزًا عن مساعدة حليفه على أي مستوى سوى التمثيليات الهزلية، مثل تسمية مستوطنة باسمه (ترامب هايتس) بينما ترامب يثبت من خلال التصعيد الجديد مع إيران أنَّ أميركا ليس من مصلحتها الحرب، ويشن حملة شديدة ضد رجال الاستطلاعات، ويرتبك في تصريحاته حول الدول الأجنبية في الانتخابات التي أتت به للبيت الأبيض واستاءت منه ستمائة شركة في أميركا بسبب حروبه التجارية ورفع التعريفات باعتبارها ضارة جدا بالاقتصاد الأميركي، ويرتبك إلى حد البؤس في قراءه تقرير المحقق الخاص مولر مرة يمدحه، ومرة أخرى يدينه، ولا يستقر الأمر عنده على حال واحدة، وهكذا تصبح المخاوف لدى الحليفين ترامب ونتنياهو، ترامب يريد مساعدة نتنياهو لدى اليهود الأميركيين ليساعدوه في الانتخابات التي اشتدت حملتها، ونتنياهو يريد من ترامب أن يستمر في تقديمه للهدايا، لكنّ الهدايا تفشل، صفقة القرن تفشل، وورشة البحرين تفشل.

أمام هذه اللوحة يجب أن نزداد صلابة في إدارة نضالنا، لا يجب أن نعطي مكانًا لأي من المتساقطين والخائنين والفاسدين الانتهازيين، القوانين عندنا واضحة، والقضاء عندنا متكامل الدرجات، والشجاعة عندنا بحدها الأقصى ولن نسمح بأن يتنفّس الخائبون ولا أن يلعبوا أدوارهم التافهة.