للفساد حالات وصُور مختلفة، لعلَّ أخطرها فساد انعدام المصداقية والذمّة الأخلاقية، الذي يقود إلى انتهاك مبدأ النزاهة، بشعارات النزاهة ذاتها!! ومن ذلك حين يحاضر اللصوص في النزاهة والأمانة، مثلما يحاضر اليوم سارقو لحوم الأضاحي، من قيادات حركة "حماس"، السرقة التي لم تعد موضع شك، وقد فضحتها تمامًا المكالمة الهاتفية المسربة، بين غازي حمد، وطاهر النونو، ولعلّه بعد هذه المكالمة، باتت قيادة "حماس" أحوج ما يكون إلى طمر هذه الفضيحة، تحت ركام خطاباتها عديمة الذمة الأخلاقية، ومحاضراتها المثقوبة عن الفساد، التي تريد أن تحارب بها، الشرعية الفلسطينية، الدستورية والنضالية، تماهيًا مع ما تسعى إلى تحقيقه الإدارة الأميركية المتصهينة، من تدمير لهذه الشرعية، لعلَّ صفقتها الفاسدة تمر من فوق جسدها، وهذا هو المستحيل بعينه، إذ إنَّ أربعين (لا) أطلقها الرئيس أبو مازن حتى الآن، بوجه هذه الصفقة الفاسدة، قد أحالها على أقلِّ تقدير، إلى متاهة للإدارة الأميركية ذاتها، ما زالت لا تعرف كيفية الخروج منها!! وأحدث ما تتوهّم هذه الإدارة من مخرج لها من هذه المتاهة "ورشة البحرين" التي تريد تعميم "ازدهار العبيد مقابل سلام الأسياد"، فليس لدى الإدارة الأميركية ما تجود به على أحد في هذه المنطقة، سوى ما تريد له من خراب العدمية المطلق، ليشكِّل ركامه حصنًا لإسرائيلها، وحشودها المسيحية الصهيونية !!
لا ترى "حماس" بعمى البصيرة الإخواني كلَّ ذلك، ولا ترى بذات العمى أنَّها تنفخ على نحو ما، ببوق "الشوفار" التحريضي الأميركي الإسرائيلي، الذي يدعو إلى تصعيد الحرب ضدّ الشرعية الفلسطينية، ونقول "الشوفار" الإسرائيلي الأميركي، كناية عن بوق "الشوفار" اليهودي الذي هو، أحد الأدوات الطقسية، في المعبد اليهودي والذي يستخدم وقت الصلاة، ووقت الحرب.
ومن المؤسف حقًّا أن تواصل "حماس" النفخ في بوق التحريض الأميركي الإسرائيلي، في الوقت الذي عليها أن ترفع صوت الأذان الذي يدعو إلى الفلاح الذي يقود إلى صلاح الأمة، بفلاح وحدتها ووقوفها على قلب رجل واحد.
بوق "الشوفار" الأميركي الإسرائيلي، هو بوق القربة المقطوعة التي لا لحن لها، ولا صوت غير صوت ريح النفس المحمومة، والحماقة وحدها هي مَن يصر على النفخ في هذه القربة، وفي الحماقة كما نعرف فساد العقل، الذي هو أُسُّ الفساد الذي نحاربه بشدة بأية صورة كان ومن أية جهة جاء، ولنا المؤسسة في هذا الإطار "هيئة مكافحة الفساد" التي لا تجرؤ "حماس" أن تعمل مثيلاً لها في غزة، فالفساد ضارب أطنابه في سلطتها الانقلابية، بما سرقت وتسرق من قوت ودواء أهلنا هناك، وبما انتهكت وتنتهك أبسط مبادئ النزاهة ومفاهيمها وقيمها وهذا هو فسادها الأكبر والأكثر خطورة وقبحًا.