قبل هذا اليوم اقتحمت مليشيا "حماس" مقرَّ تلفزيون فلسطين في غزّة، وحطَّمت محتوياته وأجهزته، ولطالما كانت تطارد كاميراته ومراسليه، كي لا ينقل شيئًا عن الواقع الصعب والعنيف، الذي يعيشه أهلنا في القطاع المطعون بسلطة الانقلاب القمعية، وقبل هذا اليوم أيضًا، وإثر حراك "بدنا نعيش" أرسلت "حماس" لصحيفتنا "الحياة الجديدة" رسائل تهديد، بصورة مباشرة، وأخرى غير مباشرة، غايتها هي بالضبط غاية رصاصات كاتم الصوت!! غير أنَّنا في تلفزيون فلسطين و"الحياة الجديدة" بسلامة الخطاب الوطني، والذي لا يهادن ولا يخشى قول كلمة الحق، لأنَّها كلمة المسؤولية، بقدر ما هي كلمة المعرفة، نقول بسلامة هذا الخطاب وقوته، لم نلتفت لتهديدات "حماس" التي ذكَّرتنا بما قاله جرير عن الفرزدق يوم هدَّد هذا، وتوعَّد بدويًّا اسمه مربع "زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا/ أبشر بطول سلامة يا مربع"، ولعلَّ "حماس" لم تُدرك ذلك بعد، فدفعت بتهديداتها إلى ما تدَّعيه بأنّه نائب عام لترفع قضية ضد "الحياة الجديدة" بتُهَم هي ليست غير التي تواصلها وسائل إعلامها، وعلى نحو عديم المهنية، وبأقبح أنواع الكذب والتدليس والافتراء وباللغة اللاوطنية لا غيرها على الإطلاق!!

 لسنا نستغرب ما تفعله "حماس" وهي تناور في كلِّ ما تفعل للخروج من عنق الزجاجة الذي وضعت حالها فيه بسياساتها الانفعالية غير المسؤولة، وما كنا نتوقّع من "حماس" غير أن تواصل هجومها على إعلام الخطاب الوطني الذي بات من الواضح أنّه قلقها الذي يقضُّ مضاجع أكاذيبها، بل والذي يثير هلعها كونه الذي يفضح ودون مساومة ولا شعبويّة، خطاب الفتنة والكراهية والحقد والفئوية البغيضة، الذي تواصله وسائل إعلامها المختلفة .

هكذا هي جماعة "الإخوان المسلمين" تخشى على طول الخط، كلمة الحق في خطاب اللغة الوطنية، ولا تعرف مواجهةً لهذا الخطاب غير الادّعاء والتلفيق والتدليس، ولا قانون لديها في تجربة "حماس"، سوى ما تفبرك من واجهات دعائية، لا حقيقة لها ولا واقع، وهي تتحصَّن بدوائر سلطة الانقلاب ورعايتها، بعد أن مزَّقت بداية كل قانون لحظة انقلابها الدموي العنيف على الشرعية قبل ثلاثة عشر عامًا.

ستمنع مليشيا "حماس" جريدتنا من دخول القطاع المكلوم، ولكن كيف ستمنع حضورها في الفضاء الإلكتروني؟ حطَّمت أجهزة تلفزيون فلسطين ولم تحطِّم شيئًا من إرادته. طاردت الصحفيين واعتقلتهم وظلَّ صوت غزة الواقع والحقيقة يصل إلى كل مكان، (إسرائيل) العنصرية والاستيطان تفعل الشيء ذاته، والإدارة الأميركية كذلك، وهي تشنُّ الحرب على الشرعية الفلسطينية، وخطابها الوطني الحاسم، وظلّ هذا الخطاب مثلما هو دائمًا وهكذا سيبقى، عصيًّا على المنع والتغييب والمصادرة .

لا سبيل أبدًا لمحاصرة هذا الخطاب وتغييبه وكتم صوته الوطني الحُر، وإنَّها لشهادة لنا أن تذهب "حماس" إلى هذا الموقف ضد جريدتنا "الحياة الجديدة"، ومرة أخرة وأخيرة "زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا/ أبشر بطول سلامة يا مربع".