طالبت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ائتلاف النزاهة والمساءلة (أمان) بإصدار بيان اعتذار عن معلومات خاطئة تضمنها تقريرها السنوي لعام 2018.
تذكرنا المعلومات الخاطئة القريبة جدًّا من القصد، بأسلوب مضاعفة الأرقام الذي كان أبرز وسيلة اعتمدت عليها أنظمة عربية لإبراز ذاتها وإخفاء الحقائق المؤلمة، وتحديدًا في اطار الصراع العسكري مع دولة الاحتلال (إسرائيل)، فالقتيل أو الجريح في (صفوف العدو) يصير في بيانات وسائل إعلام المتنافسين على تضخيم الذات قتلى وجرحى بالعشرات، أما الحديث عن تدمير الآليات وإسقاط الطائرات، فإنّ الدخان الأسود والغبار نتيجة (المعارك الطاحنة) التي ما دارت إلّا في مخيلة صناعها على الورق، ما كنا نراه حقيقة إلا في مواقع الجبهات الداخلية وعلى حدود تلك البلاد المنكوبة بنظمها المتخيّلة!
ضرب ائتلاف النزاهة والمساءلة (أمان) الشفافية والنزاهة وأسقطهما أرضا بفعل المخيلة اللامحدودة والقدرة العجيبة على مضاعفة الأرقام، ففي تقرير سابق تحول رقم (1500) سيارة اشترتها وزارة المواصلات إلى رقم (5000) سيارة بفضل قوة الاجتهاد وإزاحة "المعلومة الموثّقة" لصالح فرضية المدير التنفيذي الذي لا نعرف إن كانت قد تمَّت مساءلته على هذا الإحلال اللامشروع واللاقانوني، وعملية التضخيم ومضاعفة الأرقام.
ويضرب ائتلاف النزاهة والمساءلة مرة ثانية في تقريره السنوي لعام 2018 فيرتد السهم إلى نزاهته، إذ لا يُعقَل تحوّل رقم (317 موظّفًا) تمّ تعيينهم خلال السنوات العشر الماضية حتى نهاية 2017 بعقود في هيئة الإذاعة والتلفزيون مسجّلين رسميًّا في كشوفات وزارة المالية إلى رقم (1055 موظّفًا)، خاصة أنّ الأمر بعيد جدًا عن احتمال وفرضية الأخطاء المطبعية، فالبون الشاسع بين رقم الهيئة المعلَن في بيانها ورقم الائتلاف المعلن في تقريره السنوي كالفارق ما بين الشفافية والنزاهة وبين أصحاب الفرضية والمخيلات الجامحة التي وجبت مساءلتهم ونشر النتائج على الملأ حتى يكون للنزاهة والشفافية معنى وائتلاف تبتدئ حدوده وتنتهي عن الجمهور صاحب المصلحة الأولى والأخيرة في معرفة الحقائق.
الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون طالبت الائتلاف بالاعتذار عن معلومات جاءت في فقرة واحدة في الصفحة 35 من التقرير الذي بلغ نحو 100 صفحة، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: كم فرضية خاطئة أو في الأرقام والمعلومات الواردة تحتاج إلى تقرير رقابي شامل ومفصَّل يصدر عن كل مؤسسة رسمية ورد اسمها في تقرير أمان السنوي؟
لفت نظرنا اعتماد الائتلاف لتقاريره كمصادر ومراجع حيث يؤكِّد هامش الصفحة 35 ما نذهب إليه، إذ اعتمد على أربعة مراجع وهي 43 و44 و45 و47 من أصل خمسة مراجع، ما يعني افتقار تقرير الائتلاف في هذا الموضوع على الأقل للمعلومة من مصادرها الأصلية.
لا نقلِّل أهمية مثل هذه المؤسسات ودورها، لكنَّنا كجمهور لن نقبل بأخطاء جسيمة كالتي حدثت والتي سيكون من حق المؤسسات المتضرّرة اتّباع الوسائل القانونية لمساءلة أمان أو غيرها لضمان مسيرة النزاهة والشفافية التي نريدها جميعا حاضرة كمنهج لتعزيز دور المؤسسات الرسمية الرئيس في عملية البناء الوطني.