الأزمة الأميركية الإيرانية تتدحرج بسرعة نحو احتمال نشوب نزاع مسلَّح، ونشوب حرب إقليمية واسعة. المنطق أو التحليل المنطقي يقول إنّه ليس للطرفين مصلحة بإيصال الأمور للحرب، لأنّها، وبغض النظر كيف ستنتهي، فإنَّ نتائجها ستكون كارثية على الجميع خاصة العرب، فساحة الحرب ستكون الدول العربية الواقعة من البحر الأبيض إلى الخليج، بما في ذلك مصر.

كل المؤشرات تقول إنَّ زمام الأمور قد تفلت من يد إدارة الرئيس ترامب ومن يد القيادة الإيرانية، فهناك أطراف، خاصة حكومة نتنياهو اليمينية، قد يكون لها مصلحة بتوريط ترامب بحرب بهدف توجيه ضربة قاصمة لإيران تعيدها عدة قرون إلى الوراء، أو يمكن أن تقود نزعة المغامرة لدى القيادة الإيرانية وتعصب ترامب العنصري إلى هذه الحرب.

وبغض النظر عن احتمالات نشوب الحرب من عدمه، فإنّ حل الأزمة الراهنة بالقوة أو بالتفاوض في نهاية عملية شد الحبال الحالية، علينا أن ندرك أنّ واقعًا جديدًا سينشأ في المنطقة، وأنّ هذا الواقع سيكون له تأثير مباشر على القضية الفلسطينية وعلى حالة الأمة العربية عمومًا. إنَّ كل مَن يعمل بالسياسة في الشرق الأوسط، أو يعمل بالشرق الأوسط من خارجه يعد العدة اليوم لمختلف السيناريوهات ولنتائج هذه السيناريوهات. كل الأطراف تقوم اليوم بالعمليات الحسابية الضرورية لمعرفة كم هي خسارتها أو ربحها من أي سيناريو، وكيف ستقطف ثمار دورها أو مشاركتها أو عدم مشاركتها في النزاع.

السؤال: كيف سيكون وضع القضية الفلسطينية وبغض النظر إذا ما انتهت الأزمة بحرب أم بالتفاوض؟

(إسرائيل) في حال تمَّ احتواء الأزمة بالتفاوض، وإذا قبلت إيران بإعادة التفاوض على ملفها النووي، أو إذا ذهبت الأزمة لنزاع مسلَّح، فإنَّ لإسرائيل هدفًا واضحًا هو أن تصبح القوة رقم واحد في المنطقة، بل والقوة الوحيدة المقرِّرة.

أمّا نحن فما سيُعرَض علينا هو صفقة القرن، فإذا نجح ترامب بحسم الأزمة لصالحه ولصالح (إسرائيل) سيكون موقفنا أصعب. المراهنة على الموقف العربي مفيدة، ولكن علينا أن ندرك أنَّ موقف العرب لن يكون بأفضل منّا، بل قد يكون عاملاً للضغط على الفلسطينيين بهدف تفادي هزيمة من وزن أثقل للدول العربية.

إنَّ الرهان الوحيد، والأكثر ملاءمة، هو الرهان على الذات، وفي المقدّمة المبادرة لإنهاء الانقسام.

قد يكون الأمل ضعيفًا في تغيير مواقف "حماس" باعتبارها جزءًا من محور إقليمي ولها رهاناتها الخاصة، ولكنّ أيّ فلسطيني يرى بعين وطنية الخطر القادم سيبادر لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، والتي من دونها لا يمكن الصمود في وجه العاصفة والحصار القادم.