إيهاب الريماوي

انطلق عاطف عواودة 49 عاما من قرية دير سامت غرب مدينة الخليل في الرابع عشر من الشهر الجاري سيرا على الأقدام لتحقيق هدف بدا لأقرانه مستحيلا.

عواودة الذي قطع مسافة تصل نحو 350 كيلومترا حتى صباح اليوم الخميس، وهي مسافة تبلغ نصف المسافة التي ينوي قطعها والتي تبلغ نحو 800 كيلومتر.

خط السير الذي اعتمده هو طول المناطق التي يمر منها الجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وتبلغ نحو 740 كيلومترا، حيث إنه يقطن في منطقة تدعى "عاشور" الذي يلتهم الجدار أجزاء كبيرة منها، فيما أنه سار على طول الحدود الأردنية الفلسطينية، والتي يبلغ طولها 130 كيلومترا.

فكرة السير مشيا على الأقدام طول هذه المسافة، متعبة وشاقة وتحمل الكثير من المخاطر، إلا أن العواودة يصر على تحقيق هدفه الذي يتمثل برفض كل أشكال المعيقات التي يفرضها الاحتلال على حرية الحركة والتنقل.


"أردت أن أعبر عن رفضي للاحتلال بهذه الطريقة، كل في موقعه يعبر بطريقة ما، وهناك من يحارب الاحتلال من خلف شاشات الحاسوب، وأنا الآن على الأرض التي نقاتل من أجلها"، يقول عواودة.

اعترضه الاحتلال قبل أن يصل منطقة البحر الميت 3 مرات، مرة منع من السير على الشارع الاستيطاني قرب منطقة بئر السبع، وفي مرة ثانية منع من الاقتراب من الجدار العنصري، وفي المرة الثالثة عندما وصل البحر الميت احتجز لمدة 6 ساعات، وأفرج عنه وأعيد إلى حاجز قرب بئر السبع.

يومها أعيد إلى الخلف 100 كيلومتر، وقرر العودة إلى المنزل من أجل أن يأخذ قسطاً من الراحة ثم إكمال طريقه.

عاطف عواودة كان رئيسا لبلدية الياسرية قرب دورا لمدة أربع سنوات، واليوم هو رئيس لجمعية لرعاية الأيتام، وكان قد خضع سابقا لعمليتين جراحيتين في ركبتيه.

وفي اليوم التالي من عودته إلى المنزل، حزم حقائبه مجددا واتجه نحو المنطقة التي اعتقل منها، اصطحب عائلته معه في سيارته، وتركهم هناك وأكمل السير مشيا على الأقدام.

أكمل المسير حتى وصل قرية عين البيضاء التابعة لمحافظة طوباس، ومن هناك اتجه إلى منطقة قريبة من حاجز يفصل الضفة عن مدينة بيسان داخل أراضي 48، وهناك هاجمه جنود الاحتلال واعتدوا عليه وجردوه من ملابسه، ومنعوه من الاقتراب من الجدار الفاصل مسافة 300 متر.

يسير يوميا ما بين 35-40 كيلومترا، يحمل على ظهره حقيبة فيها ما تيسر من طعام وشراب، وخيمة ينام فيها عندما ينال منه التعب.

"مشيت في السهول والصحراء والأودية والجبال، مشيت في الليل والنهار، كانت هناك أيام حارة خاصة في منطقة الصحراء، وليال باردة في الجبال، المخاطرة كبيرة جدا خاصة عندما أسير في الليل"، يقول عواودة.

يأخذ قسطا من الراحة عندما يصل إلى المناطق السكنية، ويرتاح في المساجد الموجودة في تلك المناطق، ثم يكمل مشواره.

يلتقط صورا ويضع إشارات في المناطق التي يصل إليها، وأحياناً يخرج ببث مباشر عبر صفحته على "فيسبوك"، حيث يوثق كل بقعة يمر منها.

هذه الأيام رفع من وتيرة جهده وأصبح يسير مسافات أطول عما كان يسير في البداية، حيث كان يقطع مسافة 20 كيلومترا ثم 25 حتى وصل إلى 40 كيلومترا يوميا.

"أحاول جاهدا أن أقطع مسافات أطول كل يوم، أريد أن أعود إلى دير سامت قبل بدء شهر رمضان المبارك، حيث إن السير يكون وقتها صعبا وشاقا"، يقول عواودة.

يعتقد الاحتلال وفق عواودة أن الجدار العنصري أصبح أمرا واقعا ومفروضا على الفلسطينيين، لكنه بهذه الفكرة يريد إيصال رسالته إلى العالم بأن هذا الجدار الفاصل البشع يلتهم أراضي الضفة الغربية ويجب التغلب عليه.

يرى أن الجلوس في المنزل وانتظار الخلاص من الاحتلال أمر لن يحقق شيئا، كما أنه يجب على الفلسطينيين ابتكار طرق خلاقة للمواجهة، حتى لو كانت بالسير على الأقدام.