لم أعد أجد الدافع الكبير للكتابة، فلا يوجد ما يمكن أن نضيف عن واقع الانقسام ومواقف الانقساميين في غزة، ولا يوجد الكثير من المواقف السياسية مما نحتاج لتحليله فالمواقف واضحة والمعسكرات واضحة والقادم يتطلب منا العمل الجاد على كل الصّعد والمستويات .

نحن نحتاج للعمل الجاد على تقوية الجبهة الداخلية على الصعيد الوطني الفلسطيني وعلينا تعزيز كل مستويات الوحدة الوطنية وتعزيز البنية الاجتماعية الفلسطينية لمواجهة حصار ممكن، لهذا يجب منح أولوية لكل أشكال التضامن الاجتماعي مع محاولة الاعتماد على الذات اقتصاديًا بما أمكن وهناك ضرورة لتقليص النفقات ولتفعيل كل المؤسسات وعلينا التركيز على الاستثمار الوطني والاستفادة من كل ما يمكن من موارد فلسطينية، ونحتاج كذلك إلى نشاط كبير من الحكومة الفلسطينية للتعامل مع كل ما يمكن حله من مشكلات تتعلق بالمواطن الفلسطيني لتعزيز صموده، ونحتاج إلى تحرك سياسي على الصعيد العربي والإسلامي والدولي بشكل عاجل كذلك لمواجهة المخططات التي تحاك ضد قضيتنا الإنسانية العربية الفلسطينية . بالمختصر ...نحتاج إلى الكثير من العمل .

وبعيداً عن السياسة قد تأتي فكرة أو كلمة تجعل الكتابة ضرورة وكان ذلك الأمر البارحة خلال متابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي حيث قرأت كلمات من أختي وصديقتي أمل قد كتبتها إلى والدهـــــــــــــا العم أبو حسين .

هذه الكلمات أثارت فيَّ الرغبة بالكتابة مرة أخرى لأننا نفتقد إلى صدق الكلمات التي قالتها الأخت أمل ونفتقد كذلك إلى أمثال العم أبو حسين رحمه الله .

كلمات أمل لوالدها هي شهــــادة فلقد كان العم أبو حسين يستحق هذه الكلمات وأكثر. وكيف لا يكون كذلك وهو قامة وطنية عمل بإخلاص وصمت حيث كان رحمة الله من مدرسة العمل بل العمل بصمت من أجل فلسطين ولأنه عمل من أجل فلسطين ولأنه المثال للأخلاق فلقد أحبه الجميع .

ولم يكن العم أبو حسين يكثر الحديث عن بطولاته وعن صولاته وجولاته على عادة البعض بل كان قليل الحديث، مبتسم دومًا، ومرحبًا بالجميع .

ما لفت نظري فيما قالته أمل هو صدق الكلمات وصحتهــــــــــا التامة فلقد كتبت (ترجل الفارس المغوار ورحل إلى جوار ربه، تاركًا مآثر من الحب والعطاء والكبرياء، أمورًا علمنا إياها منذ الصغر، نشأنا عليها في منزل أحتضن وطن بأكمله) وأنا أشهد بذلك وأشهد بأن كل ما قلتي صحيح .

فلقد أحتضن منزل العم أبو حسين وطن بأكمله، فشعرت أنا وشعر كل من يزور هذا المنزل بأنه في بيته وبين أهله .

كان من المعتاد في بغداد بأن نقول أو أن نسمع البعض يقول (رايحين على بيت أبو حسين ) أو (راجعين من بيت أبو حسين) فقد كان بيتًا للوطن ولكل ما يمت بصلة لفلسطين .

كتبت كل ما كتبت لأختي وصديقتي المناضلة أمل حسين خليفة، وكتبت كل ما كتبت للعم الراحل الكبير أبو حسين من قلبي وفقط وبعيدًا عن ما هو رسمي، وأقول من جديد بأن رحيل الشهيد اللِّواء أحمد خليفة لن يزيدنا جميعًا إلا إيمانًا بأن العهد هو العهد وبأننا لن نحيد عن طريق الحق وستبقى بوصلتنا فقط تشير إلى فلسطين وعاصمتها القدس .

لا أجد الكثير من الكلمات عند الحديث عن الموت فهو حق علينا وهو مصير لا بد منه ولكن أسمحوا لي بأن أشير إلى ما يريح القلب عند الفراق وعند الموت وأُذكر بما قاله الرحمة المهداة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: "إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي؛ فإنها أعظم المصائب".

فقط الصبر هو طريقتنا الوحيدة للتعاطي مع الفقد، وفقط الدعاء والرحمة هو ما يحتاج له المتوفى.

رحم الله العم أبو حسين، ورحم الله كل من عمل لفلسطين فهي قضية حق وهي قضية شعب مظلوم يسعى للحرية وسيتحرر بإذن الله .