في القاهرة، وأمام نخبة من كبار الإعلاميين والمثقفين المصريين، أكَّد الرئيس أبو مازن مجددًا وفي كلمة شاملة، على ثوابت الموقف الوطني الفلسطيني، تجاه التحديات المصيرية التي نواجه اليوم، وثوابت الموقف الوطني في إطارها الشرعي هي ثوابت المواجهة والتصدي "للقادم الخطير" الذي تحدَّث عنه الرئيس أبو مازن في كلمته الشاملة، والقادم الخطير هو لا شكَّ قادم التسويات التصفوية، التي لن تكف صفقة ترامب الصهيونية عن الإستمرار في محاولات تمريرها، وعلى حساب الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني، وبهدف تدمير أهدافه وتطلعاته العادلة جميعها.

وكعادته لا يقرب الرئيس أبو مازن أبدًا الجملة الاستهلاكية التي تعد بما لا تملك ولا تستطيع، وهكذا تظل جملته هي الجملة الواقعية، التي لا تعني التسليم بالواقع وإنَّما تشخيصه بلا أيَّة شعارات مخادعة، لأجل التصدي لمهام تغييره نحو خدمة الأهداف الوطنية، ولهذا فإنَّ هذه الجملة، هي جملة الواقعية النضالية التي تتحدى بما تملك وتستطيع فعلاً.

ما الذي نملك وما الذي نستطيع.؟ بالجملة الواقعية، ما ثمَّة هتافات ولا خطب نتوعد فيها إسرائيل وحماتها، بالويل والثبور والزلزلة التي لا تبقي ولا تذر..!! بالجملة الواقعية حساب دقيق لميزان القوى، قال الرئيس أبو مازن هنا وبمنتهى بلاغة الوضوح والصراحة "أنا لا أملك السِّلاح لأحارب، ولكني أستطيع ان أقول لا، ولدي شعب يقول لا أيضًا" ونعم نحن لا نملك أي شيء من ترسانة الحرب الإسرائيلية، ولكنَّا نملك الإرادة الوطنية الحرة التي تستطيع أن تقول (لا) لكل مشاريع التدمير والتصفية الأميركية الصهيونية، ولا نقول هذه اللا ولن نقولها ونمضي في إنتظار ما تصنع الأقدار، وإنَّما نقولها لنتخندق في خنادق المواجهة والتحدي حتَّى سقوط كل تلك المشاريع الفاسدة.

وحين يؤكِّد الرئيس أبو مازن كل ذلك في القاهرة، فلأنَّ فلسطين تعرف جيدًا دور عاصمة الإقليم العربي، في دعم ثوابت الموقف الوطني الفلسطيني، وتدرك ضرورة التنسيق المشترك مع قيادتها، لتكريس سبل التقدم نحو تحقيق أهداف هذه الثوابت المبدئية، وبما يخدم مجمل قضايا الأمن القومي، ومجمل قضايا التقدم والإزدهار للأمة العربية بأسرها.

الرئيس أبو مازن في القاهرة، ومن القاهرة، لا خطاب سوى خطاب البلاغة الوطنية، ولا جملة غير جملة الواقعية النضالية.