(( إن الاعلان رسمياً عن إستقلال دولة فلسطين، ثم التأكيد عليه في الوثيقة التي كتبها الشاعر الفلسطيني المميَّز محمود درويش، جسَّد مختلف الابعاد التي تتعلق بكفاح الشعب الفلسطيني المتواصل على أرضه التاريخية ))

تحلُّ اليوم الذكرى الثلاثون لإعلان الاستقلال، وجاء هذا الاعلان أمام المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في الجزائر العام 1988، على لسان الرمز الشهيد ياسر عرفات حيث قال:

" إنَّ المجلس الوطني يعلن باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".

لقد شكَّل هذا الإعلان الوطني ومن قلب العاصمة الجزائرية منعطفاً في تاريخ مسيرة النضال الوطني، خاصة أنه جاء في خضم الانتفاضة الشعبية الاولى، إنتفاضة جنرالات الحجارة، والتي أسسها مهندس الانتفاضة أبو جهاد خليل الوزير.

إن الاعلان رسمياً عن إستقلال دولة فلسطين، ثم التأكيد عليه في الوثيقة التي كتبها الشاعر الفلسطيني المميَّز محمود درويش، جسَّد مختلف الابعاد التي تتعلق بكفاح الشعب الفلسطيني المتواصل على أرضه التاريخية (نما وتطور وأبدع وجوده الانساني والوطني عبر علاقة عضوية، التي لا انفصام فيها ولا انقطاع بين الشعب والارض والتاريخ) ومن منطلق هذا الثبات الملحمي، والتضحيات الجسام، والمعاناة المريرة صاغ شعب فلسطين هويته الوطنية، ومع تدافع الاجيال، على طريق الجلجلة المخضَّب بدماء الشهداء والجرحى، حافظنا على الراية الفلسطينية مرفرفةً فوق أرضنا ومقدساتنا، وساحات نضالنا.

إنَّ الاعلان عن إلاستقلال الفلسطيني لم يكن مجرد إعلان سياسي، وإنما هو حدث تاريخي أسهم في توحيد القوى الفلسطينية على أرضية سياسية ووطنية واحدة في مواجهة الاحتلال الصهيوني لأرضنا. كما أنَّ هذا الاعلان رسمَ ملامح المرحلة القادمة وحجم المسؤوليات والأعباء الملقاة على عاتق شعبنا وأجيال المقاومة، والتي لم تتوقف لحظة عن الأنخراط في كافة أشكال المقاومة، والتحدي لإسقاط المؤامرات التي استهدفت وتستهدف وجودنا الفلسطيني، وحقوقنا المشروعة، وانجازاتنا الوطنية، وتطلعاتنا التاريخية والمستقبلية.

إنَّ جوهر ومضمون وثيقة الاستقلال، ينطلق من جوهر مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والمعترَف بها دولياً واسلامياً وعربياً. وهي اليوم الدرع الوطني الذي يردع كافةً المحاولات المعادية للشعب الفلسطيني، والرامية إلى تدمير بنية المنظمة، وتمزيق وحدتها، وسلب شرعيتها الدولية، وإيجاد بدائل لها. وهذه رغبة إسرائيلية وأميركية جامحة، حتى يكون بإمكانها التلاعب بمصير الشعب الفلسطيني، ومستقبل نضاله، والعبث بحقوقه التاريخية المشروعة. وهذا واضح من خلال المساعي الحثيثة لبعض الأطراف المعادية، والساعية لايجاد بديل عن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية يكون مستعداً، ليفاوض الجانب الاسرائيلي، ويُقدم تنازلات وطنية وسياسية تنسجم مع المشروع الاميركي- الصهيوني، وتدمير الانجازات الفلسطينية.

ونحن نحتفل بذكرى إعلان الاستقلال فإننا نستلهم من هذه الوثيقة التاريخية ما رسمته القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني، وهي قيادة م.ت.ف التي قادت الانتفاضة بنجاح، واستطاعت أن تنقذ أبناء شعبنا في الداخل، وفي الشتات من براثن العدوان والمؤامرات التي حيكت لتصفية قضيتنا. ولكن أهلنا بصمودهم في الداخل و الخارج، وخاصة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وبانتفاضة الاطفال، والنساء، والشباب ومختلف الشرائح، استطاعوا أن يُعرُّوا الاحتلال الصهيوني، وأن يكشفوه على حقيقته كقاتل ومجرم وجبان في المواجهات. في هذه الذكرى فإننا نؤكد موقفنا كحركة فتح الثابت من القضايا الجوهرية والمبدئية، ومن باب الحرص على قضيتنا وشعبنا:

أولاَّ: إيماننا المطلق بأن منظمة التحرير هي البيت الفلسطيني الجامع لكل القوى والأحزاب الفلسطينية، وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

ثانياً: إننا نتمسك بموقف رئيس دولة فلسطين، رئيس م.ت.ف الرافض لصفقة ترامب، وللمشاريع الاميركية، الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، وندعو كافة الاطراف الدولية والعربية، أن تأخذ القرارات النابعة من الشرعية الدولية، والتي أُقرت عبر المؤتمرات وفي ملفات الجمعية العمومية، ومجلس الامن، والتي تحمي القضيةَ الفلسطينية، واستقلال ومصير، وأرض، ودولة الشعب الفلسطيني التي تم إقرارها.

ثالثاً:إنَّ المشروع الاميركي الصهيوني، الذي نفَّذَ ترامب قسماً مهماً من بنوده على حساب الشعب الفلسطيني، خاصة ما يتعلق بأُعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، واسقاط موضوع اللاجئين من الحسابات، ومحاربة وكالة الانروا مالياً من أجل شلِّها وتفريغ مضمونها، وتصفيتها لتغييب هذه المؤسسة الدولية عن دورها السياسي، الشاهد على مأساة تشريد اللاجئين من أرضهم وبيوتهم، وشطب حق العودة أستناداَ للقرار 194 وهو حق مقدس .

رابعاً: أنَّ القضية الجوهرية التي تعترض الوحدة الوطنية، واتمام المصالحة هي قضية الانقلاب الذي تبعه الانقسام في العام 2007. وحسم هذا الموضوع استناداً إلى الوثائق الموقعة من كل الاطراف، والتي تحتاج إلى تنفيذ، وليس إلى حوار جديد،وندعو نحن حركة فتح الأُخوة في حركة حماس، إلى الالتزام بما تم التوقيع عليه بحضور الجميع حتى نتخطى هذه المرحلة الصعبة.

خامساً: إنَّ التصدي لصفقة القرن وتداعياتها يستدعي موقفاً موحداً لا يخرج عن الاجماع . ومن هنا فإننا نجد في الموافقة على التهدئه من قبل تنظيم معين دون الاجماع الفلسطيني، ولا يخدم الصف الوطني، لأن قرار التهدئة هو قرار تأخذه القيادة الفلسطينية، حتى تضعه في إطار الحل السياسي والوطني، وليس في إطار المساعدات الإنسانية، مما يشوِّه قضيتنا الوطنية ومواقف شعبنا التاريخية .

اننا مقبلون على مرحلة غاية في التعقيد والخطورة، وهذا يستدعي الجرأة في اتخاذ القرارات المصيرية، وتنفيذ ما سبق إقراره في الأطر المركزية الفلسطينية، لكنَّ نجاحنا يتوقف على توافر المصداقية في التوجهات والقرارات والقناعات، حتى نكون مؤتمنين على مصير شعبنا، والوصول إلى مرحلة تحرير الارض، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الاراضي المحتلة العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، و بناء المجتمع الفلسطيني، الذي تسوده الشراكة الوطنية، والعلاقاتُ الديموقراطية، والتآخي الديني.وبالتالي لن يكون هناك استقرار في المنطقة طالما أنَّ اللاجئين الفلسطينيين لم يعودوا إلى أراضيهم التي شُرِّدوا عنها قسراً.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

والحرية والنصر والعزة لأسرانا البواسل.

والشفاء للجرحى الابطال وهم يكملون مسيرة التحرير.

وانها لثورة حتى النصر

حركة فتح – الاعلام المركزي- لبنان

15/11/2018