بقلم: موفق مطر

فجر الإرهابيون كرامة وشرف المرأة قبل أن يفجروها وسط أبناء بلدها، في مركز المدينة الأكثر إيمانا بحقوقها والأقرب إلى تحقيق مبدأ المساواة بين أبناء الإنسانية الذكور والإناث .

فجر الإرهابيون واستهدفوا مفاهيم الحرية والتحرر، والسلام والاستقرار، قصدوا تفجير مبدأ الحوار الذي اكسب التونسيين بجدارة جائزة نوبل للسلام .

يرسم الإرهابيون أهدافهم بدقة ويعرفون جيدًا ما يريدون من تونس، فهذا البلد مطلوب ليدخل دوامة سفك الدماء رغما عنه، مطلوب من قادته وشعبه التخلي عن الحكمة، والولوج في معمة الفوضى .

تفجير شارع الحبيب بورقيبة في تونس هو في الحقيقة لقطع الطريق على السائرين في نهج الدولة، دولة المؤسسات التي أسس مقوماتها وقواعدها الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله، هو تفجير في درب الرافضين لدولة الجماعة، ولنمو غدد الجماعة على حساب جسد وقلب ودماغ الدولة .

لهذا نقف مع تونس أو مع أي ضحية للإرهاب في هذا العالم، وموقفنا برهان على إيماننا بوحدة مصير امة الإنسانية ومستقبلها وعقلانيتها. وأننا بهذا الفعل نحصن إنسانيتنا وارثنا الثقافي وأفكارنا التحررية .

نقف مع تونس ضد الإرهاب للحفاظ على نقاء دماء امتنا من فيروسات الهمجية، وميكروبات العنصرية، وداء الانقراض والفناء.

نقف مع ذاتنا عندما نكون مع الإنسان بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو عقيدته فكيف ونحن نقصد تونس بشعبها الشقيق.

موقفنا مع تونس ضد الإرهاب انتصار عفوي تلقائي طبيعي لإنسانيتنا، لمبادئنا لانتمائنا العروبي الإنساني .

بين الحين والآخر يتعرض الأشقاء في تونس إلى هجوم إرهابي، لكنا نحن الذين نعيش حملات الإرهاب الإسرائيلي بالقتل اليومي وباغتصاب الأرض بالاستيطان والاحتلال أكثر من يدرك المعاناة، فكلنا ضحايا عصابات إجرامية تستخدم الدين وتسيسه، وتسفك دماء أبناء آدم باسم الله، وتعمل بالتاريخ والمقدسات تزويرا وفسادا.. فهنا في فلسطين إرهاب وفي تونس إرهاب، وهذا من ذاك، وذلك من هذا، وكلاهما مجرم ضد (الشعب الذي أراد الحياة) والأمان والسلام.

المستوطن اليهودي داعشي وجندي جيش الدولة اليهودية داعشي أيضا، والذي يقتل أطفالنا عن عمد، والذي يقتل أشقائنا في تونس خرجوا كلهم من رحم (الهمجية)، لا فرق بين جندي إسرائيلي أو مستوطن إسرائيلي داعشي يطلق النار على (طفل فلسطيني) لم يحتمل رؤية لمعان الفرح والأمل بالمستقبل في عينيه، وبين الذي ربط الحزام الناسف على وسط تلك المرأة لتفجر نفسها وسط الآمنين، فكلاهما وجهان (للإرهاب).

نحن نواجه مجرمين توأمين، مجرم إسرائيلي إرهابي يقتل أطفالنا بالرصاص في الشوارع والميادين بلا رحمة، شغوف بسفك الدماء الفلسطينية، ومجرم يأخذ أطفالنا وشبابنا إلى الجحيم تحت رايات وشعارات دينية اسلاموية مزيفة محرفة مزورة مصطنعة لينشئ جيلا معبأ بالكراهية والعدائية مطلقة، فيسهل عليه تفجير حاضر ومستقبل البلاد والعباد في اللحظة التي يشاء وفي المكان الذي يريد، فالأهم عند المجرمين توفير الضحايا لآلهة صنعوها بمادة رغبتهم السلطوية السادية، فهؤلاء وأربابهم لا يشبعون أبدا من دماء الإنسان.